ads x 4 (2)
ads x 4 (3)
ads x 4 (4)

من أين مرت مئة طن من الحشـ.ـيش؟

تطوان7/عادل أسكين

قبل أن تتسابق التصريحات وترفع القبعات لنجاح الدولة في إحباط أكثر من مئة طن من الحشيش خلال الأشهر الأربعة الأخيرة، وقبل أن يحتفي المجتمع المدني بدور السلطات الأمنية في ضرب شبكات التهريب عبر سواحل الجديدة وآسفي والصويرة ومولاي بوسلهام والعرائش والقنيطرة، يطرح سؤال محرج نفسه بإلحاح: كيف انتقلت هذه الكميات المهولة من المخدرات من الأقاليم الشمالية إلى الساحل؟ ومن سمح لها بالعبور؟

حين نتحدث عن أكثر من مئة طن من الشيرا، فنحن لا نشير إلى حقائب صغيرة تُخبأ في سيارات عادية، بل إلى أطنان تحتاج إلى تنقلات لوجستيكية ضخمة، تمر عبر سلسلة طويلة من الحواجز، أولها السدود القضائية لعناصر الدرك الملكي، على امتداد طريق التهريب الذي يبدأ من تطوان وشفشاون، مرورا بالقصر الكبير والقلة، وصولا إلى بوابات المحيط الأطلسي.

لا شك أن إحباط عمليات التهريب بهذا الحجم يُعد إنجازاً أمني يحسب للسلطات، غير أن الإنجاز الحقيقي يكمن في منع عبور هذه البضاعة من منبعها أصلا. هنا تبرز الأسئلة حول الجهات التي سهلت عبور هذه الكميات، وعن الدور الفعلي للقيادات الجهوية للدرك الملكي في تطوان وطنجة. فالأمر لا يتعلق بحدث معزول، بل بمنظومة قائمة، ومسار التهريب ليس سرياً ولا متعدد المسالك، بل واضح المعالم، يمر عبر نقاط يفترض أن تكون رقابية حاسمة، لكنها تبدو اليوم أشبه بمنافذ رخوة.

التهريب لا يتحرك في الظل، بل يمر من قلب الجغرافيا التي تحرسها السدود القضائية. وفي الوقت الذي تظهر فيه الحملات الأمنية نهاية القصة عند البحر، تبدأ الحكاية الحقيقية من الشمال، حيث تمر البضاعة عبر صمت يستوجب التفسير والتدخل الجاد.

المجتمع، رغم إشادته بالإنجازات الأمنية، لا يمكنه أن يغض الطرف عن الشق الآخر من الرواية. المطلوب تحقيق جاد ومسؤول ينطلق من الشمال ويشمل نقاط العبور كلها. فإغلاق منبع التهريب أولى من مراقبة مصبه، وتقاسم المسؤولية ينبغي أن يشمل من سمح بمرور البضاعة ومن غض الطرف عنها.

error: Content is protected !!