ads x 4 (1)
ads x 4 (2)
ads x 4 (3)
ads x 4 (4)

أبو عوض لـ «القدس العربي»: على الحكومة المغربية أن توضح السبب الرئيسي في الاحتجاجات بمبررات معقولة ترقى بالحجة إلى الإقناع

الرباط – «القدس العربي»

قال عبد الله أبو عوض، إن “ما ينبغي توضيحه أولاً، أن تحديد المدة الزمنية في العرف السياسي لتقييم أداء الحكومة في مئة يوم هو من باب العرف السياسي لا غير، وهو في صواب المعقول عرف فاسد لا يرقى بالتقييم التفصيلي الذي تبنى عليه الرؤية السياسية لأي إدارة في العالم، فكيف بالحكومة. فبالواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي، ينبغي البدء في تقويم وتشخيص الأداء الحكومي في شقه الإجرائي بعد سنة لينتقل إلى شقه التنزيلي بعدها”.

تصريح أبو عوض أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة عبد المالك السعدي في مدينة تطوان، أفاد به “القدس العربي” في حوار معه رداً على سؤال تقييم أداء الحكومة بعد مرور خمسة أشهر على تنصيبها.

وأضاف أنه من زاوية المواطن “من حقه التفاعل مع الأداء الحكومي في الوهلة الأولى تحت مبدأ الترقب والتفاعل وخلق صالونات سياسية للنقاش العام”، واستطرد قائلاً: “غير أنه في غياب التأطير والتفاعل، ينزلق النقاش السياسي للمواطن إلى تقييم الأداء الحكومي عموماً”.

غياب المشاركات المحايدة

وحسب الخبير السياسي، فإن ذلك راجع إلى “غياب آلية تواصلية من طرف الحكومة، تعمل على إحاطة التساؤلات المتداولة في النقاش السياسي”، إضافة إلى “غياب المشاركات المحايدة والمختصة في خلق نقاش سياسي من طرف الباحثين والممارسين للعمل السياسي.

وبالنسبة للباحث السياسي (مع تخصيص مساحة للاحترام والتقدير لأهل الاختصاص)، فإن أغلب النقاشات السياسية المتداولة في تقييم الأداء الحكومي جاءت بخلفية سياسية، سواء باعتبارها موجهة أو عفوية. لكن ما هو معروف في كلمة الباحث، أن حمولتها المعرفية تفرض العمل على تقصي الحقائق واستخلاص الوقائع، واستنتاج المعطيات. فالباحث السياسي الخبير بآليات البحث الممنهج، يبقى قليلاً في واقع ما وجد داخل الساحة السياسية من آراء وأفكار”.

خيبة أمل متسرعة

وبخصوص تعبير كثير من المواطنين عن خيبة أملهم في الحكومة الجديدة، وهل خيبة الأمل هذه في محلها، أكد أبو عوض أن هذا “سؤال في الغالب الأعم يضفي على مجيبه تهمة التحايل والتقرب وغيرها من التهم الجاهزة، لكن وبكل مسؤولية تحت مبدأ (لله ثم للتاريخ) أن الخيبة الأمل هذه جاءت متسرعة وغير مبنية على أي معطى سوى استحضار النتائج اليومية التي برزت كنتيجة لمجموعة من المتغيرات الداخلية بقليل والخارجية بشكل أقوى. فعادة ما يتطلع المواطن في العالم إلى أول قراراتها باعتبار أن تلك البداية ستكون العنوان الأبرز لتوجه الحكومة، وهو ما كان في المغرب، بحيث إن مرحلة الانتخابات عادة ما تعرف كثرة الوعود والتعريف بالبرامج للأحزاب المشاركة، والحزب الذي ينزل عليه رهان النتائج ويمسك زمام الحكومة، تصبح برامجه محط تفصيل ومتابعة وتقييم من طرف المواطن، والسبيل الوحيد لمعالجة هذا الواقع هو تدبير سياسة تواصلية تقترب من فتح الحوار مع المواطن يستدرج تطلعاته ويجيب عن تساؤلاته، وفي غياب هذا التصور تصبح الحكومة محط اتهام واستهجان في بداياتها وانتشار الإحساس بالتذمر، وهو ما وقع في مستهل هذه الحكومة. أما من حيث تحقيق بعض وعودها في خمسة أشهر، فهو من باب تضييق الخناق على العمل الحكومي، إذ من حقها ترتيب أولوياتها وإكمال ملفات، أو تقويم اعوجاج الحكومة التي سبقتها”.

وفي حديثه عن تصاعد حدة الاحتجاجات لدى مختلف فئات المجتمع، وهل من مخرج للحكومة لتدراك هذه المطالب وتحقيقها، أشار المتحدث إلى أن “الاحتجاجات حق دستوري واجتماعي مشروع، وما عرفه المغرب مؤخراً من احتجاجات هو ردة فعل جد طبيعية على ما عرفته بعض المواد من زيادة في الأسعار، وليس مشروطاً على الشارع أن يكون ملماً بالتحديات التي تحيط بالحكومة، فذاك شأنها، ولكن من حق الحكومة أن توضح، ولا أقول تدافع، السبب الرئيس في هذه الاحتجاجات بمبررات معقولة ترقى بالحجة إلى الإقناع. والشعب المغربي، بناء على التجارب التي سبقت، تبين استعداده لتحمل المسؤولية؛ بأن يتم إشراكه في تحمل المسؤولية، وهو ما يفرض على الحكومة هذه خاصة لما يحكمها من تحديات كورونا وما بعدها والآن الغزو الروسي لأوكرانيا، أن تنتهج سياسة الوضوح وتبليغ المعلومة عن طريق التوعية، فليس الأمر مقتصراً على الناطق الرسمي باسمها، لأن هذه الصفة تكون في العادة منوطة بالاستقرار والسير العادي. أما ما تعرفه السنوات الأخيرة، فعلى الحكومة والدولة ككل أن تعتمد سياسة إعلامية جادة، تكون هي الجسر الرابط بين تطلعات الشعب وبرامج الحكومة لضمان الأمان في سير الأداء الحكومي، وكذلك لتطبيق برنامجها على أكمل وجه”.

وبارتباط مع الاحتجاجات التي شملت حتى مسألة ارتفاع أسعار بعض المواد الغذائية، أوضح أبو عوض أن “موجة تصاعد الأسعار وحدة الزيادات في المواد الاستهلاكية الأساسي، ليست في المغرب فقط، بل هي في كل دول العالم بسبب زيادة المحروقات. وبمعادلة بسيطة مثلاً عندنا في المغرب، أن الصائر الذي تتحمله المواصلات في نقل البضائع يكون بزيادة؛ بناء على زيادة المحروقات، وينعكس على السلع التي يتم نقلها من مكان لآخر، ويضرب في صلب القدرة الشرائية، مع العلم أن أجور العديد من الطبقة المتوسطة وما دونها ترتكز في الأجور المحدودة التي لا تعرف الزيادة، والآن وبعد الموجة الحادة لكورونا، جاء الغزو الروسي لأوكرانيا ليزيد الطين بلة، لأن هذه الحرب تؤثر بشكل مباشر على سوق النفط في العالم (أي المحروقات بشكل رئيسي) وهو ما يهدد استقرار الأثمان، لكن على الحكومة في رؤيتها للدولة الاجتماعية، أن تجعل المساعدات الاجتماعية على رأس أولوياتها في هذه المرحلة خاصة. لأن الوضع العالمي ينذر بوقوع أزمة اقتصادية في الأفق”. دائماً في خضم الحديث عن الاحتجاجات، سألت “القدس العربي” ضيفها عن شعار “ارحل” الذي رفع في وجه رئيس الحكومة وإلى أي حد هو مجانب للصواب، فرد بالتأكيد على أنه “هو مجانب للصواب لا محالة، لأنه مقترن بعمره كرئيس حكومة، فخمسة أشهر قد لا يكفي نصفها للأسرة مجتمعة أن ترتب بيتها الجديد الذي انتقلت للسكن فيه”.

وتابع المتحدث توضيحه قائلاً: “لنتكلم بجدية، وسواء أكان أخنوش أو غيره، فإن الصفة الرسمية له كرئيس حكومة هي في مجملها العنوان الأبرز أمام الشعب للتداول فيها، هذا الشعب نفسه هو من يوجد فيه المعارض والأحزاب السياسية التي خرجت للمعارضة، والمنافسون في المجال الاقتصادي والسياسي”.

خمسة أشهر غير كافية لتقييم أداء الحكومة

وفي اعتقاده، “ليس ببعيد أن تكون كلمة ارحل من نبع الإرادة الشعبية التي تخرج في العادة للتعبير عن رفضها لسياسة الحكومة، وأنا أستبعد هذا الشق بحكم أن الشرط الأساسي المحكوم به هو الوعي الجمعي المقترن بالزمن العددي. وخمسة أشهر ليست كافية، وخاصة مع المجتمع المغربي الذي ترجم عقوبته للحزب الذي كان يدير الحكومة، أن كانت نتائجه الانتخابية كارثة بكل المقاييس”. ويضيف أبو عوض: “إنه أداة موجهة من طرف اتجاهات سياسية واقتصادية تعمل على إرباك عمل الحكومة بما هو متجانس مع تطلعاتها للنتائج. وهذه قد تمتلك الوسائل التي تعمل على استقطاب الرأي العام في توحيد الهدف. وكلمة ارحل رغم تبين الاشتغال عليها في وسائل التواصل المعاصرة، فإنها لم تأخذ صداها بالشكل الذي كان متوقعاً لها”. وبالنسبة للأستاذ في العلوم السياسية، فإن الحكومة عليها أن تعتمد مقاربتين للخروج من الأزمة الحالية، التي هي من مخلفات كوفيد، ناهيك عن تداعيات أخرى، أولها “أن تعمل على ترسيخ آلية سريعة تفعل مفهوم الدولة الاجتماعية الفاعلة، التي تركز على الدعم المباشر للقدرة الشرائية، وتوفير مجالات الخدمات الصحية، وأن تكون لها استراتيجية قصيرة المدى في إدماج الشعب في تبني القرار”.

المقاربة الثانية، وفق أبو عوض، “أن تأخذ بحزم الإجراءات الزجرية ضد تجار الفكرة (مواقع التواصل الاجتماعي) وتجار الاحتكار باعتبارهم وسيلة من وسائل إشعال الفتنة”.

ويخلص الأستاذ في العلوم السياسية، إلى أن “الخروج من الأزمة لا يمكن الفصل فيه مباشرة، فالأزمة تختلف باختلاف المتغيرات الداخلية والخارجية، لكن حلّها يبقى رهيناً بإرادة الحكومة التي من واجبها السير قدماً نحو إيجاد الحلول الممكنة وتقدير مقدراتها”.

وعن الأفق أمام أداء الحكومة في المقبل من ولايتها، أبرز أبو عوض: “بصفتي باحثاً، أرى الأفق مليئاً بالتحديات بسبب متغيرات دولية ستنعكس على طبيعة الاقتصاد، وعلى الاستقرار الحكومي، إذ إن الحكومة تحتاج إلى نفس جديد سيفرض في سنتها الثانية تعديلاً حكومياً، يضخ الدم الجديد في الأداء الحكومي”.

وأضاف: “المغرب في الخمس سنوات المقبلة، رهانه إغلاق ملف الصحراء المغربية نهائياً، وهو ما يجعل الأداء الحكومي مطالباً بمضاعفة مجهوده لاستخلاص نتائجه المبنية أساساً على الاستقرار الاجتماعي”. وأشار إلى أن الحكومة ينبغي أن تجعل البدائل الطاقية من أولى أولوياتها، فالحرب الروسية على أوكرانيا ستوثر في السوق العالمية للطاقة لخمس السنوات المقبلة. كما “أن العالم يعيد ترتيب هويته وأيديولوجيته، وهو ما يفرض المحافظة على خاصية التنوع وقبول الآخر، وكذلك الحفاظ على مبدأ الهوية المنصوص عليها دستورياً”.

<الرباط – <القدس العربي

error: Content is protected !!