ads x 4 (2)
ads x 4 (3)
ads x 4 (4)

“حرب روسيا على أوكرنيا” هل يتجه العالم إلى حتفه بعد “موت” الأيديولوجيا؟؟؟

بقلم : الاستاذ محمد علوش

بعد نهاية الحرب العالمية الثانية وقبل تأسيس “البنتاغون” حدثت قصة خلاف الجنرال”جورج باتون” قائد الجيش الأمريكي الثالث مع قادته العسكريين في البيت الأبيض حول توسيع دائرة تحرير أوروبا الشرقية من الخطر الشيوعي لتشمل الأراضي السوفياتية خلال هذه الحرب و القضاء على”الخطر الأحمر”. الجنرال الأمريكي الأصلع الشهير كان ينوي الغذر بالإتحاد السوفياتي وإحتلال أراضيه بالكامل كما فعل مع النازيين تماما رغم دور الإتحاد السوفياتي الحاسم في هزيمة النازية وحماية البشرية من أوهام الألمان وجنون “هتلر” في معركة “ستالينغراند” بقيادة ستالين.

بعدها إنقسم العالم إلى كتلتين( شرقية وغربية) أغلبية الشعوب العربية كانت شرقية الهوى في ميولاتها الإيديولوجية خلاف غالبية الأنظمة العربية. الإتحاد السوفياتي بعد الحرب العالمية التانية كان أكتر من مجرد حليف بالنسبة للعرب كان بمثابة قاعدة خلفية للإحتماء من بطش العدوان الأوروبي وحليفته إسرائيل..لم تكن أمريكا بعد قد حسمت موقفها من الصراع “العربي الإسرائيلي”على نحو واضح وكانت بعض الوثائق التي كشف عنها الصحفي المصري الكبير الراحل “حسنين هيكل” حول موقف هذه القوة الدولية الصاعدة من الصراع مهم للغاية ولفائدة العرب بحياده في حربهم ضد إسرائيل سنة 48 قبل أن تتفاجئ أمريكا من هزيمة العرب المؤلمة. لم تنحاز أمريكا رغم ذلك لإسرائيل خلال العدوان التلاثي على مصر ضد مصر ولم تشارك في “جريمة بورسعيد” سنة 56 أمريكا في هذا التاريخ لم تكن بعد قد تحولت إلى دولة إستعمارية وعدوانية ضد حركات التحرر العالمية عكس الدول الأوروبية التي لها تاريخ عريق في إبادة الشعوب وإستنزاف خيراتها..موقف العرب بمنطق التحالفات الدولية كان حينها قويا للغاية فمن جهة يحضى بدعم أقوى ثاني تكتل عسكري عالمي (الإتحاد السوفياتي) في مواجهة (فرنسا وبريطانيا وإسرائيل) وموقف أمريكي شبه محايد ينتظر نتائج الصراع على الأرض لحسم موقفه وبناء تحالفات جديدة. طبعا العرب وكعادتهم ليسوا فقط ظاهرة صوتية بل جماعات قبلية “مضطربة منذ النشأة” كان لهم شأن عندما كان القتال بالسيوف والمجانق. اللوبي الإسرائيلي بالمقابل إشتغل ببراغماتية وإحترافية مع التغييرات العظيمة في موازن القوى بين الدول الإمبريالية على الساحة الدولية وتمكن من “تجنيد” القوة الصاعدة بعد الحرب العالمية التانية (الولايات المتحدة الأمريكية) لصالح المشروع الصهيوني ضد العرب بعد لإنتقال من “حضن بريطانيا” إلى “حضن أمريكا” بسرعة البرق. أمريكا كقوة إقتصادية وبمنطق حاجة توسع الرأسمال العابر للقارات لابد أن تكون قادرة على صنع دولا والإطاحة بأخرى من أجل “تحرير الإقتصاد” وكان من نتائج ذلك الفاتورة الباهضة التي دفعتها الشعوب العربية من أمنها وإستقرارها بسبب أنظمتها المتخلفة غير الديمقراطية التي خرج الشارع العربي مطالبا برحيلها سنة2011. اليوم تصنع الأزمة الروسية مع أوكرانيا واقعا جديدا للصراع؛ حرب أخرى حاسمة لسلطة المال العابر للحدود بين روسيا وحلفائها الاقتصاديين من جهة وأمريكا وحلفائها التقليديين من جهة ثانية بوادر هذا الإصطفاف المخيف كما لم يحدث من قبل نشهده اليوم مع ولادة إقتصاد جديد تتشكل معالمه الأولى بإعلان البنوك الروسية إنخراطها في نظام CIPS الصيني للمبادلات المالية حول العالم كبديل عن نظام SWIFT الأمريكي الذي يحكم جميع المعاملات المالية عبر العالم بعد الحضر على روسيا.. الطموح الصيني يتجاوز نتائج الحرب الأوكرانية الحالية مع روسيا بصرف النظر عن نتائجها رغم أنها المستفيد الأول منها في صراعها ضد أمريكا وفتح الباب أمامها على مصرعيه لحسم الصراع حول “جزيرة تايوا
ن” وإنهاك الغرب في حربه الحالية ضد روسيا. وهو ما يفسر موقف الصين من هذه الأزمة وأخد العصى من الوسط لإرضاء الغرب وتنويمه في الأزمة الحالية ضد روسيا حتى ينخرط فيها بكل قوة لإضعافه في مواجهة قادمة معها. طبعا الصين رغم ذلك مرتاحة لهذه الحرب على أوكرانيا التي قد تكون قد قطعت شعرة معاوية بين الغرب وروسيا إلى الأبد وعلى المستوى السياسي بوادر تحالفات جديدة مع روسيا في حربها على أوكرانيا بدت واضحة من خلال الموقف الإيماراتي الداعم لروسيا في هذه الحرب وتردد بعض الدول العربية في مواقفها ووقوفها في المنطقة الرمادية ما شجع روسيا للرد على العقوبات الإقتصادية الغربية بالقول “إن حلفاء روسيا عبر العالم كثر لدرجة يصعب معه حصارها دوليا” مواقف الدول المترددة من هذه الأزمة تظهر -وهذا أخطر السناريوهات المحتملة على العلاقات الدولية خلال المرحلة القادمة- أن مكانة الولايات المتحدة في تراجع كبير وعلى نحو غير مسبوق منذ نهاية الحرب العالمية التانية ولا ندري ما اذا كان هذا التراجع يعود إلى شخصية القيادة الحالية في البيت الأبيض أم أنه خيار إستراتيجي جديد ستنهجه الإدارة الأمريكية خلال العقود القادمة بصرف النظر عن شخصية الحاكم في البيت الأبيض لأن العالم يشهد فعلا بوادر أفول النظام الدولي الحالي الذي تشكل بعد سقوط الإتحاد السوفياتي خلال بداية العقد الأخير من القرن الماضي وبداية نظام دولي جديد تبرز فيه الصين كقوة إقتصادية ضاربة وروسيا كقوة عسكرية نووية “رادعة” في مواجهة الغرب. هذا التحالف لابد أن يكون قادرا في المستقبل على دعم حلفائه المفترضين عبر العالم وفي الشرق الأوسط تحديدا بنفس الطريقة المباشرة التي يدعم بها الغرب اليوم أوكرانيا في هذه الحرب يفسر هذا التحليل في إعتقادي وفاء بايدن قبل أيام بوعده لأمير قطر ومنح هذه الدويلة المارقة والخطيرة جدا صفة “حليف رئيسي من خارج الحلف الأطلسي” وإسناد أدوار الوساطة إليها في عدة قضايا ومنها ملف أوكرانيا وكذلك مغازلة البيت الأبيض للسعودية بعد أزمة العلاقة بين البلدين بسبب الإنسحاب الأمريكي المفاجئ من المنطقة وغض الطرف عن مجزرة الإعدامات الأخيرة بالجملة التي نفذها محمد بن سلمان. يبدو أن حمى الإصطفافات بدأت مبكرا لإستبقاء نتائج حرب أوكرانيا المحسومة مسبقا لصالح الروس رغم التكلفة الإقتصادية الباهضة. لكن “الأخطر” من كل هذا هو أن يكون أول درس عملي بالنسبة للروس والصيني في هذه الحرب هو ضرورة تدبير الصراعات الدولية والإقليمية القادمة ضد المصالح الغربية في العالم بطريقة مختلفة عن السابق وهو ما يعني إنفجارات غير مسبوقة في الصراعات الإقليمية ضد المصالح الأمريكية. فبعد إحتلال كييف وتحقيق أهداف الحرب لن يكون الصراع في العالم كما اليوم بمنطق الهيمنة الأمريكية بل بمنطق إقليمي متعدد الأقطاب مدعوم من قطبين رئيسيين(غربي وصيني) وهذا ربما ما دفع المستشارة الألمانية إلى القول “بوتن يجب أن يخسر هذه الحرب”. وبالمقابل أدركت روسيا حتى قبل أن تصمت أفواه مدافعها وصواريخها الموجهة لأوكرانيا أن حجم الإستهداف الإستراتيجي لمصالحها الإقتصادية عبر العالم و لأمنها القومي من طرف الغرب كبير جدا وأن حرب أوكرانيا فخ لإستنزافها عسكريا و إقتصاديا وأن الغرب يخوض حربه ضدها بعدوانية غير معتادة لأن عينه في حقيقة الأمر على الصين لحسم معركته الأخيرة ضد شعوب الأرض وسيادة النمودج الأطلسي، لذلك قال بايدن “سنلحق هزيمة إستراتيجية نكراء بروسيا وبالرئيس بوتن” ونحذر الصين من دعم روسيا. لكن كلام بايدن بالليل في البيت الأبيض قد تمحوه نتائج هذه الحرب في نهار مشمس في موسكو إذا تمكن الجيش الروسي فعلا خلال أيام ربما من إحتلال “كييف”. سقوط العاصمة الأوكرانية يعني إنتصار روسي “جيو- إستراتيجي” كبير جدا وحلفاءها. تأمين الحدود الروسية من خطر الحلف الأطلسي هو الهدف. لذلك دعم الصين وروسيا في المستقبل “لأعداء” الغرب عبر العالم نعتقد أنه سيكون مختلفا بعد تغيير معادلة الردع في العلاقات الدولية. موقف الإمارات القريب من دعم روسيا كانت له أسباب يشعر بها أغلب حلفاء أمريكا المهمين في المنطقة بسبب سياسة بايدن وعجز أمريكا عن حمايتهم من صواريخ الحوثيين ومن خطر البرنامج النووي الإيراني حيث تلتقي مصالح بعض هذه الدول مع الأمن الإستراتيجي لإسرائيل لحماية وجودها وضمان تفوقها النووي في المنطقة والسعي لتقويض المشروع النووي الإيراني. عجز أمريكا أو رفضها لقرار الحرب ضد إيران لتعطيل هذا المشروع كما ترغب إسرائيل وبعض دول الخليج يفسر تمرد حلفاءها التقليديين في العالم العربي ضد سياستها في المحافل الدولية وحرب أوكرانيا هي القشة التي قصمت ظهر البعير في هذه العلاقة ويضل موقف محمد بن سلمان وولي عهد أبو دبي برفض إستقبال مكالمات بايدن أمرا مدهشا وجرأة غير متوقعة على سلطة البيت الأبيض لأول مرة.

الحرب الأوكرانية الحالية ستنفض الغباء عن فشل التحلفات الدولية الحالية بين الدول العظمى وأغلب دول الشرق الأوسط. أما خروج روسيا منتصرة في هذه الحرب وتحقيق مطالبها بإجبار أوكرانيا على الحياد وعدم الانظمام إلى الحلف الاطلسي سوف يقوي الموقف الروسي أكثر في المستقبل لدعم حركات التحرر ضد أمريكا عبر العالم بالتدريج. هذا الشعور لدى حلفاء أمريكا في العالم العربي بالعجز عن الدفاع عنها وحمايتها سوف يتعاظم مع مزيد من الإنسحاب الأمريكي من المشهد الدولي وتقوقعها على مشاكلها الداخلية بعد هزيمة أوكرانيا وستكون مرغمة على ذلك لأن الفشل في تطويع العالم و تحقيق السلم الدولي بمنطق أمريكا هو نتيجة حتمية لهذه السياسة الفاشلة كذلك في لعب دور الشرطي عير العالم منذ سقوط الإتحاد السوفياتي ونتيجة طبيعية لأزمة الرأسمالية التي وصلت لمراحل متقدمة بعد سلسلة من الهزائم المتتالية في حروب أمريكا الوحشية عبر العالم حيث سياسة إشعال هذه الحروب نفسها لم تعد تنفع لتجاوز أزمة الرأسمال بعد “نهاية التاريخ” ونهاية الصراع الإيدولوجي بين الرأسمالية ونقيضها. إقتصاد السوق بلغ درجة من الأزمة الخانقة وأصبح يأكل نفسه من الداخل ولم يبقى أمامه غير الصراعات الإقليمية بإسم القوميات للتنفيس عن هذه الأزمة.

إن الموقف الإسرائيلي الرافض للتصويت ضد قرار الجمعية العامة بإدانة روسيا في حربها على أوكرانيا كان مفاجئا بدوره رغم الجنسية الإسرائيلية التي يحملها “زلينسكي” ليس لضمان دعم روسي لإسرائيل في حربها على سوريا وتليين موقف روسيا من الملف النووي الإيراني وكسب ورقة الضغط عليها في مفوضات الجارية بل بالدرجة الأولى لخلق التقة بين “تل أبيب” وموسكو من أجل أدوار الوساطة في حال أساءت الأوضاع وإشتد الخناق على الرئيس الأوكراني الصهيوني والبحث عن توافقات لإنقاد شعبيته بين الأوكرانيين لذلك أقلعت طائرة رئيسها إلى روسيا من أجل لقاء الرئيس بوتن وتم التكتم على مضامين المحادثات بشكل شبه كلي. هذه اللعبة القذرة تتعدد فيها أقطاب الصراع وتتداخل فيها المصالح بطريقة مشينة لكن بصرف النظر عن معظم التناقضات المطروحة على طاولة المفاوضات بين الأطراف المستفيدة من الأزمة وبصرف النظر عن نتائج هذه الحرب المجنونة فإن العالم الذي سيبدأ في التشكل بعد نهايتها لن يكون هو العالم الذي عاشت فيه البشرية قبل (جائحة كورونا وحرب أوكرانيا) والإنتصار النسبي المفترض لبوتن في هذه الحرب لن يعني نجاحه في حماية البشرية من الرأسمالية المتوحشة التي يقودها الغرب مادامت الإستراتيجيات التي تتبناه جميع دول العالم اليوم في العلاقات الدولية بما فيها روسيا والصين ترتكز على حماية المصالح الوطنية الضيقة لكل بلد وليس لحسم الصراع بمنطق التناقض بين الأديولوجيتين الآشتراكية والرأسمالية وبالمقابل هو محاولة (روسية صينية) لأنسنة سلطة الرأسمال العالمي المتوحش التي تقوده أمريكا بعد أن بلغت من الوهن ما يجعلها في المستقبل عاجزة عن خوض حروبها بنفسهافي العالم من أجل مصالحها والدفاع عن النظام العالمي القائم الذي حكمته القطبية الأحادية منذ سقوط المعسكر الشرقي قبل تلاثة عقود. أمريكا تعلمت الدرس جيدا من حرب العراق وأفغانستان ولا أظن أنها قادرة في المستقبل على تكرار نفس السناريو المكلف لحياة الأمريكيين للدفاع عن هذا النظام لذلك من المرجح أن تتحول أمريكا في إطار النظام الدولي الجديد الذي ستبرز ملامحه بشكل أوضح بعد حرب أوكرانيا والحرب القادمة في جزيرة تايوان إلى عراب حروب ماهر يسهر على الحفاظ على مصالحه الحيوية الوطنية الضيقة من خلال حروب بالوكالة سيكون حلفائها التاريخيين في القارة العجوز حطبها من خلال توسيع أدوار الحلف الأطلسي في الصراعات الدولية بدل الدور الأمريكي الأحادي الحالي، وقد بدأت بوادر هذه السياسة الجديدة بالفعل مع الخبر الذي سمع به العالم عن عزم وزارة الدفاع الأمريكية تزويد الحلف الأطلسي لأول مرة بمعدات عسكرية جد متطورة لا يتوفر عليها حتى الأن وقرار إنسحاب بريطانيا من الإتحاد الأوروبي ربما كان لضمان التحالف التقليدي والتاريخي بين البلدين بعيدا عن هذه السياسة..أما قبول الغرب بتجنيد المرتزقة من مختلف الجنسيات للدفاع عن أوكرانيا يعد سابقة خطيرة تؤكد هذا التوجه لدرجة تبدو تحركات الرئيس الفرنسي ماكرون في هذه الأزمة “بهلوانية” ومحاولة يائسة للتصدي لهذه الإستراتيجية الجديدة في الصراع الدولي بقيادة أمريكا وحليفتها بريطانيا.

يبدو لي أن حرب أوكرانيا موجهة ضد أوروبا أولا لضمان ولائها وتوريطها بشكل مباشر في تحالف غربي إستراتيجي قادم ضد تحالف جديد وقوي في طور التشكل يجمع بين روسيا القوية المنتصرة بتوسعاتها الإقليمية الجديدة وبين الصين والهند وعدد مهم من دول أمريكا اللاتنية وبعض دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

أعتقد أن الصراع الدولي على أسس إيديولوجية سيخفت لفائدة صراع المصالح خلال المرحلة القادمة وهو ينذر بحرب عالمية لا مفر منها لأن الإيديولجيات يحكهما في النهاية منطق أكثر عقلانية من منطق المصالح الوطنية ويساعد على التغلب على الأزمات بين الخصوم والقبول بالحلول الوسطى كما حدث في أزمة خليج الخنازير. الأيديولوجيا وعاء لتصريف الصراعات وعندما تغيب فلابد أن يكون الإنفجار عبثيا وأوسع نطاق وأكثر تدميرا.

إذا كانت هناك مهمة عاجلة مطروحة على الدول المتحكمة في الصراع الدولي اليوم بعد نهاية حرب أوكرانيا المدمرة ستكون هي التفكير في العودة إلى طاولة المفاوضات بين روسيا وأمريكا بشأن تقليص عدد الرؤوس النووية إلى الصفر وإعادة الحياة إلى إتفاقيات “سارت” بين البلدين بشأن الأسلحة النووية للنجاة من خطر العودة إلى حضارة “الإنسان العاقل” البدائية (omo sapiens) رغم أنني من غير المتحمسين لهذا الفوز ضد التوحش الحالي لنفس الأسباب التي تدفعني إلى التشاؤم من غرائز البشر العدوانية ضد بعضهم• هؤلاء البشر يعبثون بكل ما تحقق في الجانب الآخر المشرق من حياة الجنس البشري على هذا الكوكب من علم وتكنولوجيا وفلسفة وقيم إنسانية رائعة على نحو سافل قد ينتهي كل هذا عما قريب للاسف الشديد اذا فشلنا في إعادة الروح إلى الفلسفة وتقليص دور السياسيين الذين يلهتون خلف المصالح الوطنية الضيقة لشعوبهم بعدوانية في كل مكان و تضل المخاوف من اللجوء إلى إستخدام السلاح النووي في أية لحظة طيش أو يأس بسبب النظام الدولي القادم مرتفعة وأكثر إحتمالا من الوضع الحالي رغم تصريح رئيس الوزراء الأوكراني السابق، نيكولاي #أزاروف، عبر صفحته الخاصة على موقع #فيسبوك أن: (الناتو كان يخطط لشن حرب عالمية ثالثة باستخدام الأسلحة النووية ضد #روسيا. تم إعطاء الدور الرئيسي في هذا إلى النخبة الحاكمة الحالية التي تسيطر عليها #أميركا في #أوكرانيا”). والاعلان الروسي امام الجمعية العامة للأمم المتحدة عن إكتشاف 14 مختبرا أمريكيا على الأراضي الأوكرانية لتطوير الأسلحة البيولوجية على الحدود الروسية كان خبرا صادما للعالم رغم محاولة طمسه من طرف وسائل الإعلام الدولية.

لذلك فبالإضافة إلى ضرورة العودة إلى مثل إتفاقيات “سالت” بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية بشأن الأسلحة النووية لابد للعالم لتفادي حرب عالمية محتملة وخروج الصراعات الدولية عن السيطرة من إعادة النظر على نحو جدري في دور الأمم المتحدة وإلغاء سلطة مجلس الأمن الذي تتشكل من خمسة دول دائمة العضوية وإلغاء حق “الفيتو” التي تنفرد به دون باقي الأعضاء دون وجه حق وتسليم هذه السلطة للجمعية العمومية التي تتشكل من جميع الدول وأن تصبح قراراتها ملزمة بالتصويت بالأغلبية دون إمتلاك أي دولة لحق الفيتو. هذا إذا كانت هناك إرادة حقيقية ومستقلة لدى الدول الكبرى لإنقاد العالم من حرب نووية أصبحت وشيكة فهذا التطبيع غير المسبوق لغة الحرب النووية بين الدول العظمى و في وسائل الإعلام أصبح مرعبا وقريب من حافة السقوط الأخير للبشرية منذ ظهورها على وجه هذا الكوكب.

error: Content is protected !!