في اليوم العالمي للعلم الأمازيغي .. نشطاء مغاربة يتشبثون بالحقوق والوحدة
بمناسبة اليوم العالمي للعلم الأمازيغي الذي يحتفل به في الـ30 من غشت من كل سنة، والذي جاء تزامنا مع إقرار الكونغرس العالمي الأمازيغي لـ”أشينال أمازيغ” في مؤتمره الأول بجزر الكناري نهاية تسعينات القرن الماضي، جدد نشطاء مغاربة أمازيغ رفضهم لمحاولات ربط هذا العلم ونضالات “إيمازيغن” بمطالب الانفصال عن الدولة الأم، مؤكدين أن الأمر يتعلق برمز للهوية المشتركة ولثقافة وتاريخ الإنسان الأمازيغي في مسار تحقيق الاعتراف ونيل الحقوق.
واعتبر النشطاء الذين تحدثوا لجريدة هسبريس الإلكترونية أن اتهامات الانفصال، “اتهامات قديمة جديدة”، لا تهدف، بحسبهم، إلا إلى تقزيم الأمازيغية وفرملة مسارها ومحاصرة إشعاعها خدمة لأهداف إيديولوجية ضيقة، مؤكدين أن مشروع الحركة الأمازيغية بعيد كل البعد عن الانفصال وينطوي على أهداف حقوقية ذات طابع كوني، بل ويراهن على توحيد دول “تامازغا” وليس تقسيمها.
علم هوياتي
في هذا الإطار، قال علي موريف، باحث في المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، إن “العلم الأمازيغي هو علم هوياتي يرمز إلى مجموعة من الدلالات الثقافية والهوياتية التي تجمع الأمازيغ في مختلف بقاع تمازغا والدياسبورا”، مؤكدا أن “العناصر المكونة لعلم إيمازيغن تستحضر ثقافة وجغرافية وتاريخ منطقة شمال إفريقيا”.
وزاد شارحا بأن “اللون الأزرق في العلم يرمز إلى البحر، والأخضر إلى جغرافية المنطقة وسهولها وهضابها وجبالها، بينما يرمز اللون الأصفر إلى الصحراء الكبرى”، مضيفا أن “حرف الزاي يرمز إلى الإنسان الأمازيغي الذي يخترق كل هذه المجالات، كما يحيل لونه الأحمر على الثورات والتضحيات التي قدمها هذا الإنسان دفاعا عن أرضه من الغزاة”.
وحول الاتهامات التي تطال “أشينال أمازيغ” كونه علما يرمز إلى رغبة “إيمازيغن” في الانفصال، أورد المتحدث ذاته، ضمن تصريح لهسبريس، أن “هذه الاتهامات تنطوي على تحيز إيديولوجي واضح واستعملت كأسلحة لقمع مطالب الأمازيغ وكبح وعيهم”، متسائلا: “عن أي انفصال يتحدثون؟ ثم انفصال عن ماذا ولماذا؟”، قبل أن يجيب بأن “الانفصال يمكن الحديث عنه في حال كان شعب ما تحت الاحتلال، إلا أن الأمازيغ يعيشون فوق أرضهم وأرض أجدادهم”.
وأشار المتحدث ذاته إلى أن “الأمازيغية في المغرب حققت مكاسب عدة، سواء من الناحية العلمية والتاريخية أو من الناحية السياسية على غرار مشروع الدسترة والاعتراف الذي يعد مكسبا أيضا للدولة المغربية، إذ يساهم في تحقيق الاستقرار الاجتماعي والنفسي في المجتمع”، مشددا على أن “هذا لا يلغي المطالب الملحة على الجانب التنظيمي والسياسي وضرورة تنزيل مضامين الدستور والقانون التنظيمي المتعلق بالأمازيغية، إذ يجب على الجهات المعنية استحضار التحولات والرهانات الحالية على الأمازيغية”.
انشغالات الأمازيغ
من جهته، قال خميس بوتكمنت، ناشط حقوقي أمازيغي، إن “العلم الأمازيغي الذي يُحتفل بيومه العالمي اليوم الجمعة، يعد أحد أهم التعبيرات عن قضايا وانشغالات الأمازيغ، إذ يختزل تاريخ إيمازيغن ومختلف المحطات النضالية التي خاضوها من أجل تحقيق الاعتراف ومواجهة كل المحاولات الرامية إلى مسحهم من الوجود واغتيال ذاكرتهم ولغتهم وتاريخهم”.
وأضاف بوتكمنت، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “هذا العلم يرمز أيضا إلى تمسك الأمازيغ بقضاياهم رغم المؤامرات والتهميش الذي طالهم وحملات الشيطنة التي استهدفتهم على مر التاريخ ولا تزال في محاولة لعزلهم عن بيئتهم ومحيطهم الطبيعي”، مشددا على أن “الاحتفاء بهذا الحدث يفرض ضرورة استحضار نجاح الأمازيغية في الانتصار عن أولئك الذين كانوا يستصغرونها حتى عهد قريب حتى صاروا اليوم مكرهين على إيلائها الاهتمام وصارت جزء من خطابهم ولو نفاقا”.
وأكد الناشط الحقوقي ذاته على أن “الأمازيغية واجهت محاولات حشرها في زاوية ضيقة وجردت صناع السياسات في المغرب من سلطة الهيمنة على الفعل والسلوك”، مشددا في الوقت ذاته على أن “القضية الأمازيغية هي قضية عادلة مشروعة تتبنى حق الإنسان الأمازيغي المكفول بموجب القوانين الوضعية، وهذا ما جعلها تحيى وتمتد في الزمن رغم كل محاولات الفرملة”.
رهان على الوحدة
تفاعلا مع الموضوع ذاته، قال سعيد الفرواح، فاعل أمازيغي، في حديث مع جريدة هسبريس الإلكترونية، إن “علم إيمازيغن يرمز إلى الثقافة والهوية ويختزل ماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم”، رافضا هو الآخر اتهامات “الانفصال” بالقول إن “هذه الاتهامات ليست جديدة، كما أن غياب الفكر الانفصالي لدى الأمازيغ حقيقة تاريخية وواقعية”.
وأضاف الفاعل ذاته أن “مشروع الحركة الأمازيغية في جميع دول شمال إفريقيا واضح وضوح أهدافها وخطابها الذي يدافع عن توحيد منطقة شمال إفريقيا بما يخدم الأهداف التنموية والنهضة الحقوقية والاقتصادية في هذه البقعة الجغرافية”، مسجلا أن “الأمازيغ لم يكونوا يوما انفصاليين، بل إن من يعاديهم هم الذين جلبوا مطالب الانفصال إلى المنطقة”.
وتابع بأن “مطلب الانفصال في الصحراء هو صناعة الحركات العربية العنصرية في إطار مشروع الثورة الاشتراكية العربية”، مشيرا إلى أن “من مول ودعم تنظيم البوليساريو الانفصالي وأراد إقامة كيان وهمي في المنطقة، هي الأنظمة القومية العروبية، منها النظام الليبي والنظام الجزائري”.
وشدد الفرواح على أن “الحركة الأمازيغية تناضل من أجل حقوق لغوية وثقافية، وليست ضد العرب ولا العربية، ولا ضد الأديان، حيث إن نضالاتها تركز على الديمقراطية وتحقيق المطالب اللغوية والثقافية والاقتصادية في إطار احترام سيادة الدول المكونة لفضاء شمال إفريقيا. وعليه، فإن مشروع الحركة هو مشروع مجتمعي حداثي يراهن على التوحيد في إطار المشترك، وليس التقسيم والانفصال”.