تهريب المخدرات بطائرات.. تطور مقلق في أساليب المافيا بشمال المغرب
في تطور لافت، كشفت مصادر أمنية مطلعة عن قيام شبكات تهريب المخدرات باستخدام طائرة عمودية صغيرة لنقل كميات كبيرة من المخدرات من منطقة القصر الصغير باتجاه إسبانيا. وقد أقلعت الطائرة بسلام قبل أن يتم رصدها من قبل القوات المسلحة الملكية أثناء عبورها مضيق جبل طارق، حيث اختفت لاحقًا عن الرادارات المحلية.
وبعد تعقب مكان إقلاع الطائرة، تبين أنها انطلقت من منطقة القصر الصغير. وقامت مصالح الدرك الملكي بمراجعة تسجيلات الكاميرات على طول الطريق بين القصر الصغير وطنجة، لتكتشف وجود شاحنة صغيرة كانت تتردد على المنطقة في وقت الحادثة. وبعد التحقيق، تم تحديد مالك الشاحنة، الذي يقيم في منطقة البرانص بطنجة، حيث تمت مداهمة منزله واعتقاله كمشتبه به رئيسي. ولا تزال التحقيقات جارية للكشف عن تفاصيل هذه الواقعة.
هذه الحادثة ليست الأولى من نوعها، حيث تم تسجيل ثلاث حوادث مشابهة خلال أربع سنوات في مناطق طنجة وأصيلة والقصر الكبير. على سبيل المثال، سبق أن تم اعتقال مهرب إسباني بعد سقوط طائرة مماثلة بالقرب من دار الشاوي، حيث أدين بأربع سنوات سجنًا.
في السنوات الأخيرة، شهدت أساليب تهريب المخدرات تطورًا ملحوظًا، خاصة بعد تشديد الخناق على الشبكات التقليدية. فبالإضافة إلى استخدام الطائرات العمودية، لجأت هذه الشبكات إلى طرق مبتكرة أخرى، مثل التهريب عبر الغطس إلى مدينة سبتة المحتلة، حيث تم القبض على أشخاص ينقلون الحشيش انطلاقًا من قرية بليونش.
كما تم تسجيل حالات إقلاع طائرات من مناطق مرتفعة قريبة من ميناء طنجة المتوسط، مثل جبال جماعة “تاغرمات” وقصر المجاز، التي تتميز بعلوها وقربها من شبه الجزيرة الأيبيرية، مما يجعلها نقاط انطلاق مثالية لعمليات التهريب الجوي.
في ظل هذه التطورات، برزت أسماء جديدة في عالم تهريب المخدرات بشمال المغرب، حيث استغلت هذه الأسماء تشديد السلطات على بارونات المخدرات المعروفين، لتحتل مكانة بارزة في ساحة التهريب. وهذه الأسماء، التي لم تكن معروفة سابقًا، وجدت فراغًا في الساحة الإجرامية، مما سمح لها بالصعود بسرعة.
في مواجهة هذه التحديات، تعمل المصالح الأمنية على تعميق التحقيقات لفهم امتدادات هذه الشبكات المتطورة. كما يتم التركيز على مراقبة المناطق التي تشهد نشاطًا مكثفًا لتهريب المخدرات، خاصة تلك القريبة من الطرق السريعة والمناطق البدوية. بالإضافة إلى ذلك، يتم تعزيز التعاون بين الجهات الأمنية المحلية والدولية لمواجهة هذه الظاهرة المتزايدة.
تكشف هذه الحادثة عن تطور خطير في أساليب تهريب المخدرات، مما يشكل تحديًا كبيرًا للأمن الوطني. لذلك، يتطلب الأمر تعزيز الجهود الأمنية والاستخباراتية، بالإضافة إلى تعميق التعاون الدولي، لمواجهة هذه الشبكات الإجرامية المتطورة. كما يجب العمل على تفكيك الخريطة الكاملة لشحن المخدرات في شمال المغرب، لضمان الحد من هذه الظاهرة الخطيرة.