في حضرة صمت العامل… تهتز جذور قاع أسراس
في زوايا قاع أسراس الهادئة، حيث الأمل متجذر في تفاصيل الحياة البسيطة، يعلو هذه الأيام صوت الاستفهام، ويصمت صوت المسؤول، حديث العامة لم يعد يلتفت إلى يوميات العيش أو انتظار الغد، بل بات منصبًا على سؤال واحد: إلى متى سيستمر صمت عامل الإقليم، محمد العلمي ودان، أمام مشاهد الخروقات المتكررة في تسيير الشأن المحلي بجماعة تزكان؟
آخر الفصول العبثية التي فجرت سخط الساكنة، يتعلق بعملية مثيرة للجدل تمثلت في نقل التربة والشروع في أشغال يُعتقد أنها لبناء ملعب رياضي، وسط حي سكني، دون أي إشعار، أو وثيقة قانونية، أو حتى لوحة إخبارية توضح طبيعة المشروع، الجهة المنجزة، أو المؤسسة الممولة، مشهد يُعيد إلى الأذهان زمن “السيبة”، حيث يسود منطق “افعل ما تشاء، فلن يسألك أحد”.
فأين أعين السلطة الإقليمية؟ وأين دور قائد المنطقة الذي يكتفي بدور المتفرج على ما يبدو؟ وإذا كان هذا المشروع مجهول النسب والمؤسسة، فالسؤال الذي يفرض نفسه بإلحاح: من يمنح الغطاء لهذا الشخص الذي يُقال إنه يقف وراء المشروع؟ وهل بلغ نفوذه حد تجاوز عامل الإقليم ذاته، ليصبح الآمر الناهي، دون حسيب أو رقيب؟
حسب مصادر خاصة للجريدة، فإن لا الوكالة الحضرية بتطوان، ولا عمالة إقليم شفشاون، على علم بهذا المشروع. وهو ما يعزز فرضية أن ما يجري يتم في الخفاء، وبعيدًا عن المساطر القانونية المعمول بها، فهل نحن أمام مشروع يُنجز خارج الأطر الرسمية؟ أم أن هناك جهات تتستر على هذا العبث لأسباب لا يعلمها سوى من يحرك الخيوط من خلف الستار؟
الأدهى من ذلك، أن هذه الأشغال تتم في منطقة تُعرف طبيعتها الجيولوجية بخطورة الانجراف، ما يجعل أي تدخل عشوائي غير مدروس تقنيًا، تهديدًا مباشرًا لسلامة الساكنة وبناياتهم، فهل تحوّلت حياة المواطنين إلى حقل تجارب؟ وهل يحق لأي كان أن يعبث بأمن الناس مقابل مشروع لا يحمل حتى اسمه؟
إن ما تعيشه جماعة تزكان اليوم، ليس سوى عينة من واقع جماعات محلية تُركت لمصيرها في غياب الرقابة الجادة، وتراخي أجهزة السلطة. ومع كل خرق جديد، يتسع جرح الثقة بين المواطن والإدارة. ويبقى الأمل في تدخل عاجل من عامل الإقليم لوقف هذا النزيف، وتطبيق القانون، وحماية ما تبقى من هيبة المؤسسات.
قاع أسراس اليوم لا تطالب بأكثر من حقها في العيش الكريم، ضمن بيئة يسود فيها احترام القانون، لا منطق التسيب والفوضى.