انتخاب جيل جديد من الأمل
تطوان7/عادل أسكين
لم يكن انتخاب الأخ نوفل البعمري رئيسًا للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان حدثًا عابرا، بل شكل لحظة محملة برسائل عميقة لفئة واسعة من شباب هذا الوطن.
هو ابن مدرسة النضال الشعبي، ومن الجيل الذي تربى على الاستماع لهموم الناس، وعلى الإيمان بأن الحقوق والحريات ليست شعارات، بل التزام يومي وقناعة راسخة.
بالنسبة لي، لا يمثل انتخاب نوفل البعمري فقط تتويجا لمسار نضالي طويل، بل يحمل كذلك بعدا شخصيًا عميقًا.
أول لقاء جمعني به كان في رحاب الحرم الجامعي، حين كنت أتحمل مسؤولية عضوية مكتب فرع تطوان، الذي كان يشغل فيه الأخ أشرف أولاد الفقيه مهمة كاتب الفرع، وكنت أنا آنذاك كاتب اللجنة الإقليمية للقطاع الطلابي الاتحادي.
كان نوفل يحضر بيننا في مقصف الكلية بين الفينة والأخرى، حاضراً ومؤطراً وموجها وداعماً لنا كطلبة اتحاديين، يبسط لنا برصانته وهدوئه دروس الالتزام والوضوح والمثابرة.
ومنذ تلك اللحظة، تواصلت العلاقة النضالية، إذ تتلمذنا على يديه أولى خطواتنا السياسية سنة 2004 داخل الشبيبة الاتحادية، حيث كان مكلفا بالإشراف على جهة الشمال استعدادًا للمؤتمر الوطني السابع.
واستمرت مواكبته لنا بعد ذلك بصفته عضوًا بالمكتب الوطني، وأنا كعضو بالمجلس الوطني للشبيبة، حيث عرفناه شابًا مؤمنًا بالعمل الجماعي، حريصًا على بناء الكفاءات بالتشجيع والثقة.
في الأربعينات من عمره، جاء انتخاب نوفل ليعزز الأمل لدى جيل كامل من الشباب، ممن ظلوا يؤمنون بأن درب النضال الحقيقي يثمر مهما طال الزمن، وأن التراكم في التجربة والوفاء للمبادئ يفتحان أوسع الأبواب أمام صناعة التغيير.
اختارت المؤتمرات والمناضلات والمناضلون بأغلبية واسعة أن يضعوا ثقتهم في اسم نشأ بين أحضان الحركات الشعبية، واشتد عوده في ساحات النضال الحقوقي والسياسي.
جاء نوفل، ابن المناضل، ليؤكد أن الجذور الراسخة لا تموت، وأن أبناء الشعب القريبين من همومه يظلون الأقدر على حمل مشعل الدفاع عن كرامته.
المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، بثقلها الرمزي ودورها التأثيري، فتحت اليوم صفحة جديدة واعدة، بقيادة شابة متمرسة، تتقن الإنصات، وتؤمن بأن الدفاع عن الكرامة الإنسانية عمل لا يقبل أنصاف الحلول.
في زمن يغلب عليه الإحباط، جاء انتخاب نوفل البعمري ليعيد إلى كثير من شباب المغرب إيمانهم بأن النضال الصادق لا يضيع، وأن زمن التجديد الحقيقي ممكن حين يتقدم الصفوف من يستحقون.
هنيئا لمنظمتنا المغربية لحقوق الانسان بهذا الاختيار، وهنيئا لجيلنا بهذا النفس الجديد.