انتحار “الرباع” قاتل موظف محكمة الناظور في السجن.. نهاية مثيرة لسجين جهادي عاش يحرم الانتحار ومات به نادما على ما اقترفت يداه
هي واحدة من قصص الانتحار المثيرة لسجناء السلفية الجهادية، المحكوم عليهم بالإعدام، سجين جهادي، كان قد حكم عليه في عام 2003، وكان من أبرز المتورطين في قضايا إرهاب دموية، ومعروفا بمواقفه الدينية المتطرفة، والمتشددة، والذي أقدم على الانتحار بطريقة مثيرة، أمس السبت، إذ شنق نفسه داخل غرفته في السجن المحلي تولال 2 في مكناس، “مستعملا الغطاء، اللي كان عندو، هو لي شنق بيه راسوا” يوضح مصدر .
وحسب الرواية الرسمية من إدارة السجن المحلي تولال 2، فإن السجين السلفي، الذي كان ينتظر تنفيذ حكم الإعدام في حقه، ومعتقل على خلفية قانون مكافحة التطرف والإرهاب، “استعمل قطعة قماش، وربطها إلى نافذة الغرفة”.
والأمر هنا يتعلق بانتحار السجين الجهادي، عبد الوهاب ربيع، الملقب بـ”الرباع”، أحد أبرز المتهمين في “خلية مكناس”، الذي مثل إلى جانب 13 شخصا آخر أمام محكمة الاستئناف في الرباط سنة 2003، والتي حكمت عليه بالإعدام، رفقة حميد السليماني، وقد اتهم ساعتها بتهم ثقيلة، وقتل موظف بسلك القضاء، وهي التهم، التي تتعلق بـ”تشكيل عصابة إجرامية لإعداد، وارتكاب أعمال إرهابية، والاعتداء عمدا على حياة شخص في إطار مشروع جماعي يهدف إلى مس خطير بالنظام العام، والمشاركة في جناية المس بسلامة الدولة الداخلية، وممارسة نشاط في جمعية غير مرخص لها”، و”سرقة سلاح من ثكنة عسكرية”.
ولم يكن انتحار “الرباع” أمرا عاديا، ليقدم على وضع حد لحياته بطريقة بشعة، وبنفس الطريقة، التي مات بها قبله سجناء التيار الجهادي من قبيل انتحار معتقل سابق في سجن “مول البركي”، في آسفي، وانتحار “عبد المالك بزكارن”، فالرباع قبل انتحاره كان معروفا في أوساط سجناء الإرهاب بموقف الرافض لظاهرة انتحار من سبقه من السجناء المحكومين بالإعدام، ويقول بحرمة الانتحار، مصدقا للآية القرآنية” ولاتقتلوا أنفسكم”، يقول أحد زملائه في سجن القنيطرة: “لقد كان الرباع ضد الناس اللي كانوا تيبغيو ينتحروا”.
لقد انتقد الرباع انتحار السجين الراحل “عبد المالك بزكارن”، الذي اعتقل سنة 2004 على ذمة التفجيرات التي استهدفت مدينة الدارالبيضاء في 16 ماي 2003، حيث كان يعد الذراع اليمنى لأمير “خلية الدم” يوسف فكري.
لكن ما الذي تغير حتى يقدم الرباع على وضع حد لحياته بالغطاء، الذي كان يفترشه؟ وحسب مقربين من الملف، فإن الرباع كان يعيش حالة الندم على جرائم القتل، التي ارتكبها قبل سنوات، فهي “أقدار غريبة وعجيبة” كما علق محمد عبد الوهاب رفيقي وكنيته “أبو حفص”، هو مفكر، وباحث في الدراسات الإسلامية، متخصص في قضايا التطرف والإرهاب، في تدوينة له على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي “فايسبوك”.
والباحث رفيقي، وهو يفسر الطريقة، التي وضع بها الرباع حدا لحياته، كشف، أن هذا الأخير انتحر، لأنه “كان يعيش حالة الندم على جرائم القتل، التي ارتكبها، وهي حالة نفسية يعيشها سجين الإرهاب، وهو في صراع داخلي يعتصره نفسيا، بين الثبات على مواقفه، والظروف التي يمر بها داخل السجن، وهو أمر طبيعي يشدد أبوحفص، المتخصص في قضايا التطرف والإرهاب والإصلاح الديني، ويمكن أن يولد أمراضا نفسية، التي هي في اصلها، تضاف إلى وجود مرض نفسي عند هذا الشخص قبل حتى دخوله إلى السجن.
وحسب تحليل أبو حفص، فإن قتل الأبرياء بكل دم بارد، ووحشية، لا يمكن أن يصدر عن إنسان طبيعي، والرباع، حسب المندوبية،يعاني مرضا عقليا، ومن فقد عقله من السهل أن يفقد السيطرة على نفسه، ويقدم على الانتحار، فليس من السهل عليه، إن لم يكن مريضا نفسيا أن يقدم على الانتحار!! وهو يعتبره جريمة في الدين من الناحية الشرعية، وصاحبها متوعد بجهنم.